الجمعة، 15 مارس 2013

القروض الخارجية لأثيوبيا ......نِعمة أم نِغمة ؟





القروض الخارجية لأثيوبيا ......نِعمة أم نِغمة ؟
بقلم /أنور إبراهيم أحمد (كاتب أثيوبي )
الديون الخارجية التي توقع عليها الحكومة الأثيوبية خلال هذه الأعوام  تعتبر كبيرة جداً ومعظمها بفوائد وأرباح لعدة أعوام من دول كبيرة المملكة العربية السعودية والذي يقدم قرض بقيمة 25 دولار أمريكي للتنمية في إقليم الصومال الأثيوبي وتوصيل شبكة حديثة للكهرباء وتنمية الريف الصومال الأثيوبي وهناك قروض كثيرة وقعتها الحكومة الأثيوبية خلال هذا العام ومنها قرض من ألمانيا قبل عدة أشهر و بنك التنمية العربية خلال هذا الأسبوع قدم قرض لأثيوبيا للتنمية ضمن القروض المقدمة للتنمية الأفريقية و بنك التنمية الأفريقي حسب توصيات الإيقاد للمناطق المتضررة من الجفاف ومحاربة الكوارث لثلاثة دول هي أثيوبيا و كينيا وجيبوتي. إذا أثيوبيا دوماً في مقدمة الدول التي يوفر لها القروض ، الولايات المتحدة الأمريكية قدمت العديد من القروض وأخرها القروض التي قدمت  لدعم أثيوبيا لمحاربة الجفاف  ودرء الكوارث وتغيير المناخ ،بنك كزم الصيني قدم قروض عديدة منها قروض لصيانة مهابط الطائرات  وإنشاء هنأكر إضافية لصيانة الطائرات الكبيرة من أنواع دريم لاند ( بوينج 747 وغيرها ) وأيضاً قدمت البنوك الصينية قروضاً بقيمة 2,2 مليار دولار لإنشاء الخط الحديدي الجديد الذي يربط العاصمة أديس أبابا بالأقاليم الأثيوبية المختلفة بمواني جيبوتي وهو يبلغ طوله حوالي 7000 كيلو متر  كأطول خط حديدي في أفريقيا.وربط العاصمة الأثيوبية أديس أبابا بشبكة قطارات داخلية   وبنوك فرنسية كبري وجهات أخري عديدة لدعم التنمية في أثيوبيا .
            هذه مجموعة صغيرة من مجمل الديون التي تلقتها أثيوبيا خلال  هذا العام . إذا السؤال هو ألا تشكل هذه الديون مجتمعة عبئاً علي الحكومة الأثيوبية ؟ ألم تستطيع أثيوبيا تأجيل مشاريعها  التنموية إذا لم يكن لديها ميزانية كافية ؟ الديون التي تلقتها أثيوبيا خلال العامين والنصف التي بدأت خلالها  الخطة الخمسية للنمو والتحول التي بدأتها أثيوبيا قبل ثلاثة سنوات من الآن .تعتبر أكبر ديون تتلقاها أثيوبيا طيلة الـ22 عاماً التي حكمت فيها الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الأثيوبية البلاد منذ العام 1991 ،وبدأت بمشاريع كبيرة ومتعددة تحتاج لإمكانيات كبيرة،  مازالت هنالك العديد من المشاريع التي تحتاج أثيوبيا لتمويلها ( الطرق – المواصلات- السدود – الطاقة – التعليم الصحة – المساكن الجماعية _ المشاريع الإنمائية _ الخ) ولا ننسي سد النهضة العملاق والذي حاولت الحكومة الأثيوبية توفير الدعم له من الميزانية الذاتية للحكومة ووصلت لجمع التبرعات من المؤسسات والموظفين وبيع الصكوك واليانصيب لتكملة هذا السد الذي يحتاج لميزانية ضخمة باعتباره أكبر المشاريع الحيوية التي تقام في أثيوبي على مجرى النيل الأزرق ، وتحتاج هذه لميزانيات ضخمة وتعتبر أثيوبيا من الدول التي تعتمد في دخلها علي المنتجات الزراعية والحيوانية إذ  لا تفي هذه بكل متطلبات الحكومة لتكملة الخطط التنموية التي بدأتها خلال هذه المرحلة وخاصة أن البني التحتية للبلاد كانت ضعيفة جداً إذ كانت التنمية في أثيوبيا معدمة خلال عهد الحكومات السابقة ولم تري أثيوبيا عمليات تنمية ضخمة كالتي تراها الآن والتي فاقت المعقول وشهدت أثيوبيا بموجبها نهضة تنموية ضخمة خلال فترات قصيرة ( تنمية عمرانية – مصانع خدمات – شركات - مجمعات سكنية طرقات – سدود لتوليد الطاقة الكهربائية منشآت حيوية - منشآت حكومية متقدمة ) وكانت النهضة الأثيوبية قد خرجت بعدة مشاريع أخرها الخطة الخمسية للنمو والتحول التي بدأها رئيس الوزراء الراحل ملس زيناوي والتي تعتبر تحدياً للأثيوبيين نسبة لضعف الإمكانيات الذاتية للبلاد في ظل دولة تمتلك كثافة سكانية عالية وتأتي في المرتبة الثانية بعد نيجيريا  في الكثافة السكانية في أفريقيا  وموارد ضعيفة وتواجه تحديات قوية للخروج بشعوبها من الفقر  الذي ظل يلازمهم عبر مر العصور .
      إذ أصبحت الخزينة الأثيوبية تنتظر الديون الخارجية المتعددة التي تورد إليها لتكملة المشاريع الإنمائية التي تحتاجها البلاد . ولكن هل تأتي هذه الديون دون مقابل أخر ؟ ألا توجد أي تنازلات تدفعها أثيوبيا مقابل هذه القروض التي تقدم لها أم هي قروض بفوائد فقط؟ هنالك العديد من التساؤلات التي يطرحها المتابع لعمليات التنمية في البلاد ، هل هذه التنمية من الإمكانيات الذاتية أم بقروض من الخارج ؟ وفيها فوائد قد تثقل الخزينة والاقتصاد الأثيوبي مستقبلاً ؟ .
    لا يمكن أن تكون جميع عمليات التنمية  التي أثمرت أوكلها بإمكانيات ذاتية؟ هذا هو السؤال الرائج الذي يدور في عقل كل من يتابع المشاريع التنموية الأثيوبية خلال العقدين من الزمان التي مرت على البلاد. لأن إثيوبيا دولة فقير جداً ونصيب الفرد فيها قليل جداً ودخل الفرد لم يرتقي بعد لمصاف الدولة الوسطي ، إذاً هنالك واقعين واقع لعمليات التنمية التي تشهدها البلاد والتي أذهلت الجميع وسارت بخطي كبيرة ، وواقع الحياة اليومية للمواطن الأثيوبي الذي مازال يواجه صعوبات الحياة المعيشية وغلاء المعيشة وخاصة السكن في ظل الأزمة العالمية التي أثرت على كل القطاعات داخلياً وخارجياً ،و مع انخفاض المرتبات  للعاملين في جميع القطاعات ،ولكن تظل الأوضاع في أثيوبيا أفضل بكثير من بقية الدول الأفريقية الأخرى . ومشكلة السكن لم تحقق فيها الحكومة الأثيوبية تقدماً يذكر باستثناء القطاع الاستثماري وخاصة الاستثمار الأجنبي الخارجي وتمليك الأراضي للمستثمرين  ، ومعظم المواطنين لا يملكون أراضي سكنية وقصة الأراضي هذه قصة لوحدها !!  فأصبحت العاصمة أديس أبابا مدينة الأعاجيب أي خلال عدة أعوام تحولت من مدينة فقيرة إلى مدينة بها نهضة تنموية خيالية وتغيرت ملامحها ومع اختلاف الأوضاع الاقتصادية للمواطنين (العاصمة الأفريقية الأولي) . والسؤال الآن هو بدأت أثيوبيا مشاريعها التنموية بدأية قوية وكانت الديون الخارجية  أحدي السبل لتنفيذ هذه المشاريع ومع التحديات التي رفعت أثيوبيا شعارها هل ستستمر المشاريع التنموية الأثيوبية ؟ وهل ستشكل الديون والقروض الخارجية عقبة لهذه المشاريع؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق